من لم يدرك ركعة من الجمعة فهل يصليها ركعتين أم أربعا؟

السؤال:
أدركت مع الامام الجلوس الأخير في صلاة الجمعة فماذا علي أن أفعل؟ هل أكمل ركعتي صلاة جمعة ؟ أم أكمل أربعا صلاة ظهر ؟ آملا توضيح القضية بالتفصيل بما يتعلق بصلاة المسبوق في صلاة الجمعة ولكم جزيل الشكر؟
الجواب:
للفقهاء في هذه المسألة رأيان:
الأول: ذهب جماهير أهل العلم وعلى رأسهم السادة المالكية والشافعية والحنابلة ومحمد بن الحسن الشيباني من الحنفية إلى أن من أدرك مع الإمام أقل من ركعة، فإنه لا يكون مدركا للجمعة ويصليها ظهرا، وهو الراجح الذي نفتي به.
قال الخطيب الشربيني: ” من أدرك مع إمام الجمعة ركوع الركعة الثانية المحسوب للإمام لا كالمحدث ناسيا كما مر وأتم الركعة معه أدرك الجمعة أي لم تفته. قال صلى الله عليه وسلم: «من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة» وقال «من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى» رواهما الحاكم وقال في كل منهما إسناده صحيح على شرط الشيخين. قال في المجموع وقوله: ” فليُصَلِّ ” هو بضم الياء وفتح الصاد وتشديد اللام. فيصلي بعد سلام الإمام ركعة إن استمر معه إلى أن سلم، ولو فارقه في التشهد كان الحكم كذلك”.
واستدل الجمهور بما رواه الترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة»: قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح» والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، قالوا: من أدرك ركعة من الجمعة صلى إليها أخرى، ومن أدركهم جلوسا صلى أربعا، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق “.
وأصرح منه ما روي أن أبا هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أدرك من الجمعة ركعة فقد أدركها».
وأصرح منه ما في سنن الدارقطني عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى، ومن فاتته الركعتان فليصل أربعا».
وفي السنن الكبرى للنسائي عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعة من الجمعة أو غيرها فقد تمت صلاته».
وفي السنن الكبرى للبيهقي عن ابن عمر قال: ” من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدركها، إلا أنه يقضي ما فاته “، وفي السنن الكبرى للبيهقي أيضا عن عبد الله بن مسعود: ” إذا أدركت ركعة من الجمعة فأضف إليها أخرى، فإذا فاتك الركوع فصل أربعا “.
الرأي الثاني: يكون مدركا للجمعة ما لم يسلم الإمام، وهو مذهب الحنفية، فهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف، فصلاة المقتدي صحيحة وتحسب جمعة إذا أدرك أي جزءا من صلاة الجمعة مع الإمام، حتى وإن قل. قال السرخسي في المبسوط: ” ومن أدرك الإمام في التشهد في الجمعة أو في سجدتي السهو فاقتدى به فقد أدركها ويصليها ركعتين في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد – رحمه الله تعالى -: يصلي أربعا”.
واستدل الحنفية بقوله صلى الله عليه وسلم «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا» وقد فاته ركعتان ثم هو بإدراك التشهد مدرك للجمعة بدليل أنه ينويها دون الظهر حتى لو نوى الظهر لم يصح اقتداؤه به ثم الفرض بالاقتداء تارة يتعين إلى الزيادة كما في حق المسافر يقتدي بالمقيم وتارة إلى النقصان كما في حق الجمعة وتأويل الحديث وإذا أدركهم جلوسا قد سلموا. وهو تأويل بعيد..
وقول الحنفية ضعيف؛ لأن أحاديث الجمهور نصٌّ في المسألة فهي صريحة لا تحتمل التأويل، والحديث الذي استدل به الحنفية لا يدل على ما ذهبوا إليه؛ لأنه قوله صلى الله عليه وسلم (ما أدركتم فصلوا) يدخل فيه أن نصليها أربعا، فتكون أحاديث الجمهور مفسرة لهذا الحديث، كما أن ما استدل به الحنفية نصوص عامة في الصلوات، وما استدل به الجمهور نصوص خاصة بالجمعة، فكان حكم الجمعة مختلفا عن حكم بقية الصلوات، والخاص يخصص العام ويقدم عليه، فكان مذهب الجمهور أرجح، وهو ما نفتي به والله تعالى أعلم.
مصدر الفتوى من كتاب:
فتاوى معاصرة (2)، ايمن عبد الحميد البدارين، دار النور المبين للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 2017م، صفحة (94-96 )
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.